PDF
عرف العالم مايكل جاكسون كأحد أهم أساطيره الموسيقية، لكن ليس كل العالم مطلعا جيدا على إسهاماته في السينما، لاسيما في مجال الموسيقى التصويرية والمؤثرات الأخرى وكذلك تطويره لما يعرف الآن «الفيديو كليب» أو الموسيقى المصورة بتحقيقه طفرة نوعية فيها أجبرت شركات «متخصصة بالبيض» مثل «أم تي في» لتقديم هذا الفتى المنحدر من أصول أفريقية لأغنية Thriller التي عمل فيها خيرة الفنيين في هوليوود وأنتجت بمبلغ يفوق الكثير من الأفلام الروائية وساهمت في ظهور نموذج جديد للأغنية المصورة سينمائيا. وهكذا، لم يكن ملك البوب غريبا عن عالم السينما، سواء لعبه أدوار البطولة، أو ظهوره الشرفي في بعض الأفلام، ناهيك عن موسيقاه المصورة التي أبهرت المشاهدين في زمانه.
مخرجون كبار
والمثير أن سيناريوهات أغانيه وكذلك إخراجها قام بها كبار المخرجين في العالم مثل مارتن سكورزيسي في أغنية Bad وجون لاندز أخرج Thriller و«هم لا يهتمون بنا» They Don't Care About Us، وديفيد فينتشر لأغنية «من هو؟» ?Who Is It ونحو 20 أغنية مصورة قدمت «مايكلنا المفضل».
The Wiz
فيلم مغامرة موسيقي أخرجه سيدني لوميت عام 1978 وقامت ببطولته ديانا روز كمعلمة للأطفال من أصول أفريقية في حي هارلم المكتظ بهم: مايكل جاكسون ونيبسي روسل ولينا هورني وتيد روس وتيريزا ميريت وريتشارد بريور وستانلي جرين.. وأنتجه روب كوهين.
سيناريو جويل شوماخر عن رواية شعبية لفرانك بوم يحيلنا الى العالم السريالي لذوي الأصول الأفريقية في نيويورك الذين اعتمد عليهم الشريط كليا؛ أولئك الرجال المختلطين مع حاويات القمامة، العمال الذين يقضون يومهم في كسب العيش والأطفال الذين يعرفون الموسيقى أكثر مما تحويه المكتبة العامة للمدينة. اعتمد الشريط على المسرحية الغنائية لبرودواي وأغاني لوثر فاندروز الذي أطلق وقتها مجموعة من موسيقاه الجديدة بالاعتماد على مجموعة songwriting نيكولاس آشفورد وفاليري سيمبسن.
وبالرغم من أن الفيلم فشل تجاريا ونقديا وأشر إلى نهاية نهوض أفلام الأميركيين الأفارقة التي كانت قد نشطت بفضل الحركة الفنية Blaxploitation في مطلع السبعينات، فإنه رشح إلى أربع جوائز للأكاديمية السينمائية كأفضل: اتجاه فني، تصميم وملابس، موسيقى أصلية وأفضل إنتاج.
حبكته بسيطة محورها يدور على المعلمة دوروثي (ديانا روس) التي تعيش مع عمتها (تيريزا ميريت) وعمها هنري (ستانلي غرين) الانطوائي جداً، وبدورها تحاول دوروثي الاستقلال بحياتها.
وفي غضون الاحتفال بعيد الشكر، يحاول كلب دوروثي (توتو) استقبال العيد بطريقته، فينسل من باب المطبخ ليتيه وسط عاصفة ثلجية ويتحتم عليه مواجهة المدينة لأول مرة، ليقابل في الصباح التالي مايكل جاكسون ويتصادقان بمشاركة العديد من سكان الصفيح والمومسات والسحرة والمشردين، ليجنح الشريط نحو المطاردات والمغامرات التي تتخللها الموسيقى والرقص مذكرتنا بأغنية «لا تستطيع الربح» لمايكل جاكسون و«أسفل الطريق» لمايكل ودايان روس التي غنت «البيت» أيضا، وهو فيلم للحنين لا يوجد سبب لدينا الآن لمراجعة عيوبه.
المشي على القمر
قدمه المخرج كولون تشيفرز عام 1988 بعد أربع سنوات من الإعداد بعنوان جانبي «الأسطورة تستمر»، من إنتاج دينيس جونز وجيري كرامير، كتب السيناريو ديفيد نيومان مستندا الى قصة كتبها مايكل جاكسون نفسه وأدار التصوير جون هورا وموسيقى بروس بروتون وشارك مايكل جاكسون كل من: شون لينون وكيلي باركر وبراندون آدامز.
والشريط قريب الى أن يكون السيرة الذاتية لمايكل جاكسون، وهو قطعة موسيقية مليئة بالرقص والأطفال والمؤثرات الجديدة وقتذاك، ويبدو كأن السيناريو اهتم بربط أغاني مايكل جاكسون بعضها مع الآخر وأفلح في تقديم شريط منظم ومحترف وممتع في الوقت نفسه. خلال 93 دقيقة يسترجع الشريط أغاني مايكل المبكرة حينما كان مع مجموعته يقلدون أغاني براندون آدامز والتعليقات التي نالها جاكسون في الصحف الشعبية تصاحبها قطع من الصور المتحركة التي نفذها جيم بلاشفيلد ومحاولات مايكل الصغير في تحوير أغاني البيتلز بأسلوبه الخاص، لاسيما تقليده الإنسان الآلي وحركاته المبتكرة التي عشقها العالم في غضون تصويره الأغنية التي تحمل الاسم ذاته.
رجل في المرآة
سيرة سينمائية أنتجت عن حياة مايكل جاكسون عام 2004، متنقلة في محطات مختلفة من حياته المشحونة بالمال والشهرة والغرابة والفضيحة والنجاح والعزلة والحزن.
مراجعة مؤلمة منذ بداياته الشجاعة مع عائلته البائسة في غاري ومن ثم أنديانا ومجموعة «جاكسون – 5» لغاية نجاح ألبومات الثمانينات حتى الهبوط القياسي لمبيعاته واتهاماته بالسلوك المنحرف مع الأطفال في مدينة الملاهي التي شيدها في Neverland.
بينما التسعينيات تنتهي، يبدأ مايكل بتوضيح سلوكه في المقابلة التي صاحبها برنامج وثائقي ( الأولى مع أوبرا وينفري 1993 والثانية الأبرز في نهاية التسعينات مع مقدم لا أتذكره) يتحدث فيها الموسيقي المشهور جدا تحت ضوء خافت معترفا بحبه للعلاقات مع الأطفال ويعتبرها مجرد علاقات إنسانية دافعها العطف والحب، تلك الاعترافات التي قادته في النهاية ليوضع تحت الحراسة المشددة وتجذب الكثيرين لإلقاء التهم عليه من كل صوب.
نعتقد أن دقائق الفيلم الـ 86 كانت معصورة بلا موسيقى، بحيث لا تمنح المجال لا العطف على ملك البوب ولا الغضب عليه، كما أن الشريط قفز على مراحل كثيرة من حياة مايكل لا تعفي أي مرآة لتجاهلها. والفيلم أنتج في وقت غير مناسب، حيث كان العالم يتابع أخبار محاكمة جاكسون والظروف المتعبة التي كانت تحيط به، ناهيك عن التقديرات التافهة التي تم تكديسها ضد ماضي الطفل السابع لعائلة جاكسون ومشاجراته مع أبيه القاسي والتقييم السطحي لثقافة البوب والتركيز على سلوك جاكسون الشاذ لمشاركته السرير مع الأطفال وكأنه يحاول رمي هذه القنبلة التي لم تعد كذلك بعد محاكمة الموسيقي العلنية.
سيتم تفادي شهادات راعيته الروحية الصديقة والممثلة إليزابيث تايلور ودس ممثلة مغمورة للعب دور جانيت جاكسون كما الحال بالنسبة لكريستا راي وليسا ماري بريلسي كزوجة محبطة لا تملك أي حيلة تجاه زوجها الغريب.
ومن الواضح أن قصة مايكل جاكسون لم تكتبها وتخرجها السينما بعد، ولعل الفترة اللاحقة مهيأة لحدث فني من هذا النوع، ولكي يظهر فيلم سينمائي عن ملك البوب، عليه البداية مع ذلك الطفل الذي اجتاز الطريق وحيدا ووضع مسافة ما بين المبدع الكبير وفضائحه ولا ينبغي أن يتحول الفن إلى سوط يجلد من شيده.
لقد كان شريط «رجل في المرآة» رخيصا ولم يتحمل ثقل الملك ومنخفضا حتى في المعايير الفنية واعتماده على شرائط الفيديو لم يكن موفقا بالمرة، ناهيك عن توقيت عرضه الخبيث.
ألم يكن هذا الرجل مفيدا؟!
ملك الموسيقى الشعبية بلا منازع، أثر على كل الأجيال التي ظهرت بعده (لا يقارعه غير الفيس بريسلي والبيتلز) واستطاع إدخال التصوير السينمائي بقوة في أغانيه وحشد فيها سيناريوهات مثيرة وساعد على انتعاش الفيديو وأدخل تقنيات للرقص معقدة جدا كالإنسان الآلي والمشي على القمر والتحكم الرهيب بجسمه أثناء الميلان بزاوية 45 درجة إلى الأمام وأسلوبه الصوتي المتميز الذي غيـّر الهيب هوب والبوب المعاصر عبر أجيال غير محددة.
ومايكل جاكسون تهوى الصحافة نشر أنباء «شذوذه»، ولسبب ما تتحاشى ذكر تبرعه بمئات الملايين من ثروته لبناء مؤسسات نافعة. فقد كان يدعم 39 جمعية خيرية ورعى ماليا مركز بروتمان الطبي في مدينة كولفير في كاليفورنيا و«صندوق الزنوج» الذي كان يضخ فيه سنويا نسبة محددة من إيراداته، ودعاه الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان والسيدة نانسي ريغان في مايو 1984 ليسلموه درع الإنجازات الخيرية باسم الأمة الأميركية وكان يتبرع بعد كل جولة خارجية بمليوني دولار للفقراء بغض النظر عن لونهم وجنسهم، كذلك تبرع بكل إيرادات فيلم «رجل في المرآة» إلى الفقراء.
وهذا الرجل كتب بالمشاركة مع ليونيل ريتشي كلمات وموسيقى أغنيته الشهيرة «نحن العالم» التي حولت أنظار المجتمع الدولي لمساعدة الفقراء في أفريقيا وخصص 20 مليون دولار من مبيعاته لمكافحة المجاعة. وبعد تحطيمه الرقم القياسي في أحد الجولات التي ربح فيها 125 مليون دولار منح أغلبها إلى المستشفيات وملاجئ الأيتام والمنظمات الخيرية المختلفة.
وأسس مايكل مؤسسة «المشفى العالمي» عام 1992 التي كانت ترسل ملايين الدولارات كل عام إلى أطفال الدول التي تهددها الحروب والأمراض. كما تبرع بحقوق إذاعة أغانيه عبر «أتش بي أو» التي اعتبرت صفقة قياسية حينها، لمراكز بحوث الأيدز، وفعل الشيء نفسه بعوائد حضوره تنصيب الرؤساء جورج بوش وبيل كلينتون.
نال 13 جائزة غرامي ( بما فيها أفضل ألبوم للأطفال وجائزة خاصة سميت باسمه «الأسطورة الحية» في الدورة 35 في لوس أنجلوس ) وباع 750 مليون تسجيلا متنوعا مع 133 حفلا موسيقيا ضخما حول العالم وسجل الرقم القياسي في عدد الجمهور الذي يحضر حفلا موسيقيا حينما استمع إليه 4.4 ملايين شخص بشكل مباشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق