12‏/03‏/2009

تأثير الأزمة المالية على صناعة السينما


اعتاد المتحدثون عن صناعة السينما النظر إلى هوليوود مباشرة في مقارناتهم وتحليلاتهم، لكن الآثار المترتبة على الأزمة المالية الحالية ستؤثر على كل الاستديوهات في العالم وستشملها آثار الركود الاقتصادي، وسيتم تغيير استديوهات واتحاد أخرى واعادة توزيع تلك التي ستعاني من مشاكل التمويل المعتاد من شركات المرئيات والصوتيات التي خذلتها الأزمة بما يكفي. إعادة ترتيب صناعة السينما، ستبنى على أساس معرفة الإجابة عن السؤال الحتمي التالي: ما الذي يريد «المستهلك» مشاهدته خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة؟
عنصر الجمهور
بداية ستختفي نهائيا من الجمهور ظاهرة شراء التذاكر لقضاء الوقت الزائد في صالة السينما على أساس التجربة بدون معرفة الفيلم والوثوق بفريقه والاعتماد على الحظ، وسيكون من الصعب إنفاق 15 – 25 دولارا إلا بعد اتخاذ قرار مشاهدة الفيلم المعين بلا ترك الأمور للصدف ومن ثم ترك القاعة في منتصف العرض.فالجمهور مستعد للانفاق عند شباك التذاكر، ولكن للأفلام التي تدفعه للذهاب إلى السينما، وهذا الذي يجيب عن السؤال أعلاه الذي تفكر فيه الاستديوهات وشركات الإنتاج والتوزيع وهو: أي نوعية من الأفلام ستسود خلال الأزمة المالية وبعدها، وكيف ستؤثر خطط تقليص التكاليف وخفضها على إنتاج نوعية الأفلام. تخفيض التكاليف سيشمل كل شيء في صناعة السينما، الإنتاج بكل فروعه المتشابكة، السفر، الأجور، التقنيات، المؤثرات، اختيار الأماكن والرحلات التي يمكن تعويضها في الاستديو. وكلما سيتعمق الركود سيتجه العامة إلى مشاهدة الأفلام عبر المواقع المزوّرة التي تسرقها وتبثها أو الى أسواق الأقراص غير المرخصة والرخيصة للغاية بالقياس الى ثمن التذكرة.
أضرار المهرجانات
كما أن الأزمة المالية ستلحق الضرر بتلك الأفلام التي تصنّع وعيون منتجيها على المهرجانات السينمائية، لأن المهرجانات نفسها ستقلص رعايتها لأسابيع الفيلم التي لا ينقطع نشاطها طوال العام وفي المدن الرئيسية في العالم. بدأنا نسمع الآن عن تخفيض الشركات الممولة لمهرجان روما وفينيسيا بمقدار %70 أي ما يعادل 16 مليون دولار ومهرجان لندن 8 ملايين دولار وتتناقل الأنباء انسحاب الكثير من الممولين لمهرجان وارسو وبعض المهرجانات في الشرق الأوسط. وهناك الهند التي تعد واحدة من دول العالم ذات الإنتاج الغزير، يدرس صناع السينما فيها إقامة مشاريع مشتركة مع استديوهات هوليوود لتعويض تباطؤ المبيعات في شباك التذاكر وتوزيع الفيلم، يساعدهم في ذلك النجاح المثير لـ «المليونير المتشرد».
استثمار المولات
ولانتشار مجمعات التسوق عبر العالم واحتوائها على دور متعددة للعرض في المحافظة على توازن لأن تكون السينما واحدة من مراحل الزيارة، ثمة الكثيرون يتركون أطفالهم في السينما ليفتشوا عن العطور أو الملابس أو أدوات الماكياج وغيرها من أمور لا يطيقها الأطفال. وهناك نسبة كبيرة من المشاهدين يعتبرون صالات السينما المحطة الأخيرة أو الوسطى بين موعدين أو فترة الاسترخاء بعد العشاء. هذه العوامل يدرسها بجد صناع السينما ليختاروا نوعية الأفلام التي تناسب الملايين من هواة التسوق لا السينما، لذلك عليهم تشذيب أفلامهم من الجنس والاقتراب للمضامين العائلية التي تشجع الآباء على ارتياد السينما مع أطفالهم أو بدونهم. كما أن وسائل الاتصال الحديثة دهست بعنف سينما الجنس التي أصبحت متوافرة عبر وسائل كثيرة غير مسارح العرض.
السينما الرسمية
وستتعرض صناعة السينما لنكبة حقيقية في البلدان التي تدخل ضمن موازنة الدول التي تشرف عليها الحكومات، لأنها ستعتمد على إرادة هذه الحكومات وظروفها المالية في مساعدة قطاع السينما.هناك من يقول، ان الأزمة المالية ستنظف السينما من الإسفاف والابتذال وسينتج ما يصلح للمشاهدة فحسب، بمعنى الأقل سيكون أفضل وهنا واضحة المبالغة في التفاؤل، لأن السينما التجارية لطالما فسحت المجال لإطلاق الكثير من المواهب والأعمال الكبيرة.

ليست هناك تعليقات: