شخصيا لا استطيع إحصاء عدد الأفلام التي حملت مفردة الحب في عنوانها، لكنني أشهد أن أفلام الحب العميقة، لم تظهر من هوليوود ولا من كتابها ومخرجيها وشركاتها.
وعندما تنشأ هكذا، وأنت شبه متيقن، أن هوليوود لا تستطيع – لأسباب لسنا في محل مجادلتها – إنتاج سينما مدهشة يكون الحب موضوعها، وحينما تفشل في تحويل أعظم روايات الحب في الإنسانية إلى السينما (كما حصل على سبيل المثال، في بارقة غابريل ماركيز «الحب في زمن الكوليرا» وتم تحليل شريطه في هذا المكان)، فمن الصعب أن ترسلك هواجسك إلى ما هو أبعد من مشاهدة «قصة حب»، تنمو مع عناصر سينما هوليوود الأساسية، حكاية مبرمجة ينفذها نجمان معروفان وفريق محترف تقنيا يضمن لك تقديم صورة لطيفة، وفي النتيجة لم تصدم هوليوود افتراءنا القديم، ونفذته بلا مفاجأة تكدر مسلماتنا.
وعندما تنشأ هكذا، وأنت شبه متيقن، أن هوليوود لا تستطيع – لأسباب لسنا في محل مجادلتها – إنتاج سينما مدهشة يكون الحب موضوعها، وحينما تفشل في تحويل أعظم روايات الحب في الإنسانية إلى السينما (كما حصل على سبيل المثال، في بارقة غابريل ماركيز «الحب في زمن الكوليرا» وتم تحليل شريطه في هذا المكان)، فمن الصعب أن ترسلك هواجسك إلى ما هو أبعد من مشاهدة «قصة حب»، تنمو مع عناصر سينما هوليوود الأساسية، حكاية مبرمجة ينفذها نجمان معروفان وفريق محترف تقنيا يضمن لك تقديم صورة لطيفة، وفي النتيجة لم تصدم هوليوود افتراءنا القديم، ونفذته بلا مفاجأة تكدر مسلماتنا.
تسكع في الغموض
صحيح أن واحدة من أهم مهام السينما، إبعاد النوم والإغفاء عن الجمهور في صالاتها، إلا أن المخرج براندون كامب وكاتب السيناريو مايك طومسون سلكا الطريق السهل في «الحب يحدث»، باستمالتهما النجمين آرون إيكهارت وجنيفر أنيستون لأن يكون الأول أرملا بما تحمله الكلمة من كرب والثانية امرأة وحيدة من سياتل تحمل ما تعنيه مفردة «الأمل»، وعليها أن تفرج عن مسلسل أحزان، لا يملك المشاهد إزاءها، غير الانفجار بالبكاء وتجفيفه دموعه ببقايا تذكرة الفيلم.
وبيرك (إيكهارت) الكاتب الذي وفق في أن يتصدر كتابه المبيعات ويتسلق فوقه ليلقي المحاضرات ويعلم الناس مغزى الحياة، فيما يصبح علامة تجارية في عالم النشر، وهو بذلك، وعناصر أخرى مختلفة، مزيج فاتر لشخصية تكدس عباراتها الأنيقة في حلقات النخبة، غير أنه يستخدم لغة الإشارة لو تطلب الأمر مغازلة في ممرات فندق، وكذلك لا يعيقه استرجاع وفاة زوجته قبل ثلاث سنوات في حادث سير، في الوقت الذي يرغب السيناريو فيه، كإشارة إلى «الشفاء العاطفي» الذي كان يدعي حضور ندواته إليه، محذرا إياهم من «المشي على الجمر» وبعض الهراء الآخر.
المثير أن كامب وطومسون، لم يقدما الكاتب الذي تحدثا عنه، لأن بيرك بدا شخصا افتقر إلى البصيرة وخلا من الكاريزما، ممل الغايات وألاعيبه بسيطة
ينظم ندوات جماهيرية لمساعدة الناس على تحمل الفراق، لكنه يركل حزنه بجبن بلا محاولة لفحص مشاعره، وفي النتيجة، سيدفعنا ذلك إلى التساؤل: لماذا كان الجمهور يستمع إلى نصائحه بتأثر ويصدقها!
صحيح أن واحدة من أهم مهام السينما، إبعاد النوم والإغفاء عن الجمهور في صالاتها، إلا أن المخرج براندون كامب وكاتب السيناريو مايك طومسون سلكا الطريق السهل في «الحب يحدث»، باستمالتهما النجمين آرون إيكهارت وجنيفر أنيستون لأن يكون الأول أرملا بما تحمله الكلمة من كرب والثانية امرأة وحيدة من سياتل تحمل ما تعنيه مفردة «الأمل»، وعليها أن تفرج عن مسلسل أحزان، لا يملك المشاهد إزاءها، غير الانفجار بالبكاء وتجفيفه دموعه ببقايا تذكرة الفيلم.
وبيرك (إيكهارت) الكاتب الذي وفق في أن يتصدر كتابه المبيعات ويتسلق فوقه ليلقي المحاضرات ويعلم الناس مغزى الحياة، فيما يصبح علامة تجارية في عالم النشر، وهو بذلك، وعناصر أخرى مختلفة، مزيج فاتر لشخصية تكدس عباراتها الأنيقة في حلقات النخبة، غير أنه يستخدم لغة الإشارة لو تطلب الأمر مغازلة في ممرات فندق، وكذلك لا يعيقه استرجاع وفاة زوجته قبل ثلاث سنوات في حادث سير، في الوقت الذي يرغب السيناريو فيه، كإشارة إلى «الشفاء العاطفي» الذي كان يدعي حضور ندواته إليه، محذرا إياهم من «المشي على الجمر» وبعض الهراء الآخر.
المثير أن كامب وطومسون، لم يقدما الكاتب الذي تحدثا عنه، لأن بيرك بدا شخصا افتقر إلى البصيرة وخلا من الكاريزما، ممل الغايات وألاعيبه بسيطة
ينظم ندوات جماهيرية لمساعدة الناس على تحمل الفراق، لكنه يركل حزنه بجبن بلا محاولة لفحص مشاعره، وفي النتيجة، سيدفعنا ذلك إلى التساؤل: لماذا كان الجمهور يستمع إلى نصائحه بتأثر ويصدقها!
مقاولة حب
وهذا السؤال لم نطرحه على الهامش، لكونه جوهر «حدوث الحب»، لأن إلويس (أنيستون)، التي كانت تمثل بلا عينين حيث اختفى بصيصها القديم، واحدة من هؤلاء الذين جلسوا يتعلمون فن الحياة من الكاتب الأكثر رواجا والذي يعلمهم كيفية مواجهة العالم مع فقدان الأحباء، ولديها هواية حمقاء وهي كتابة الكلمات العشوائية على الجدران وخلف اللوحات، عند انتهاء عملها كبائعة للزهور.
ومن الصعب الفهم، أن شريطا يستند الى الحب ويجعله عنوانا له، يضع المشاعر في آخر اهتماماته، كأن المخرج وكاتب المخطوطة، كانا مقاولين أخذا على عاتقهما إتمام صفقة الحب، لذلك وقعا في أسوأ أنواع العلاقات، وهي في اعتقادنا: الحب المخطط له، وأهملا: اللحظة، الشرارة، الطوفان، البرق وذلك الدفق اللانهائي الذي يغدق على المحبين بهجة وتعثرا وإلهاما ونشوة وحرارة وسموا، ليجدا أن خيارهما هو الأصدق وأنهما صبرا على الدنيا بانتظار هذه اللحظة.
هذه جبال يحتاج إليها ممثلون كبار لحملها أولا ومن ثم تصديرها للمشاهد، فماذا كان يتوقع فريق الفيلم من أنيستون العادية وإيكهارت البعيد عن الفضول، ومن سيناريو اختصر الذنب تجاه الزوجة الراحلة باحتساء الفودكا.
أدرك أنها «لعنة شكسبير»، لكونه أغلق هذه الموضوعات، لكن المبدع الحقيقي هو الذي يتسلل مكتشفا أعماق الكبار، لا شيء من هذا يحدث في حب كامب وطومسون، ويكفي مراجعة المشاهد التي خططوا لكي تكون «مؤثرة» بين إيكهارت ومارتن شين، هناك سيخبرنا السيناريو عن كل شيء، فاضحا أهم أسس الدراما: التلبية.
والحديث ليس عن تلبية متطلبات الإنتاج وما خطط له سكوت ستوبر وماري بارينت، لأن هذه الأسماء موجودة في أفلام كثيرة، بل عن شريط لوثوا اسمه بمفردة «الحب» في لعبة دعائية شائعة، علاوة على السطحية التي باغتتنا طوال الساعة الأولى من الفيلم (109 دقائق) والإصرار على أن القرف هو ميزة رومانسية لغاية التهيئة للنهاية المتوقعة والخادعة، وغير مصدقين أن التخطيط في مثل هذه الموضوعات، هو غش في حقيقة الأمر. فماذا يعني أن تضع المشاهدين في حافلة يسافرون فيها مع الممثل الرئيسي في طريق الشفاء من الحزن، وفي أول محطة سيعثر على أنيستون المضغوطة لتبدأ الرومانسية العاجزة والمتخلفة، التي توفر كل الأسباب لتضع الحب بعيدا.
إنك لا تستطيع «تسويق الحب» بأحداث واردة في كل زمان ومكان، كخاتمة وذروة، وأن البكاء الذي عوّل عليه السيناريو يستدعي ضحك هواة المسرحيات الهزلية، لأنه أحرج الكوميديا التي لا تبنى على الأعراض الجانبية.
في النتيجة، ان هذا الشريط، أهان «سينما الحب» – المهددة بالانقراض - لافتقاره الجرأة والعمق والصدق ولإثارته الضيقة في أن يكون مفهوما وفي متناول الجمهور.
وهو إهانة للحزن لأنه قدمه واضحا، وللأسى لأنه اختبأ خلفه، وللخسارة لأنه عبأها بالحلوى، وللتوبة لأنه لم يبرك في واحة الذنوب، وللفن لأنه لم يستخدمه.
وهذا السؤال لم نطرحه على الهامش، لكونه جوهر «حدوث الحب»، لأن إلويس (أنيستون)، التي كانت تمثل بلا عينين حيث اختفى بصيصها القديم، واحدة من هؤلاء الذين جلسوا يتعلمون فن الحياة من الكاتب الأكثر رواجا والذي يعلمهم كيفية مواجهة العالم مع فقدان الأحباء، ولديها هواية حمقاء وهي كتابة الكلمات العشوائية على الجدران وخلف اللوحات، عند انتهاء عملها كبائعة للزهور.
ومن الصعب الفهم، أن شريطا يستند الى الحب ويجعله عنوانا له، يضع المشاعر في آخر اهتماماته، كأن المخرج وكاتب المخطوطة، كانا مقاولين أخذا على عاتقهما إتمام صفقة الحب، لذلك وقعا في أسوأ أنواع العلاقات، وهي في اعتقادنا: الحب المخطط له، وأهملا: اللحظة، الشرارة، الطوفان، البرق وذلك الدفق اللانهائي الذي يغدق على المحبين بهجة وتعثرا وإلهاما ونشوة وحرارة وسموا، ليجدا أن خيارهما هو الأصدق وأنهما صبرا على الدنيا بانتظار هذه اللحظة.
هذه جبال يحتاج إليها ممثلون كبار لحملها أولا ومن ثم تصديرها للمشاهد، فماذا كان يتوقع فريق الفيلم من أنيستون العادية وإيكهارت البعيد عن الفضول، ومن سيناريو اختصر الذنب تجاه الزوجة الراحلة باحتساء الفودكا.
أدرك أنها «لعنة شكسبير»، لكونه أغلق هذه الموضوعات، لكن المبدع الحقيقي هو الذي يتسلل مكتشفا أعماق الكبار، لا شيء من هذا يحدث في حب كامب وطومسون، ويكفي مراجعة المشاهد التي خططوا لكي تكون «مؤثرة» بين إيكهارت ومارتن شين، هناك سيخبرنا السيناريو عن كل شيء، فاضحا أهم أسس الدراما: التلبية.
والحديث ليس عن تلبية متطلبات الإنتاج وما خطط له سكوت ستوبر وماري بارينت، لأن هذه الأسماء موجودة في أفلام كثيرة، بل عن شريط لوثوا اسمه بمفردة «الحب» في لعبة دعائية شائعة، علاوة على السطحية التي باغتتنا طوال الساعة الأولى من الفيلم (109 دقائق) والإصرار على أن القرف هو ميزة رومانسية لغاية التهيئة للنهاية المتوقعة والخادعة، وغير مصدقين أن التخطيط في مثل هذه الموضوعات، هو غش في حقيقة الأمر. فماذا يعني أن تضع المشاهدين في حافلة يسافرون فيها مع الممثل الرئيسي في طريق الشفاء من الحزن، وفي أول محطة سيعثر على أنيستون المضغوطة لتبدأ الرومانسية العاجزة والمتخلفة، التي توفر كل الأسباب لتضع الحب بعيدا.
إنك لا تستطيع «تسويق الحب» بأحداث واردة في كل زمان ومكان، كخاتمة وذروة، وأن البكاء الذي عوّل عليه السيناريو يستدعي ضحك هواة المسرحيات الهزلية، لأنه أحرج الكوميديا التي لا تبنى على الأعراض الجانبية.
في النتيجة، ان هذا الشريط، أهان «سينما الحب» – المهددة بالانقراض - لافتقاره الجرأة والعمق والصدق ولإثارته الضيقة في أن يكون مفهوما وفي متناول الجمهور.
وهو إهانة للحزن لأنه قدمه واضحا، وللأسى لأنه اختبأ خلفه، وللخسارة لأنه عبأها بالحلوى، وللتوبة لأنه لم يبرك في واحة الذنوب، وللفن لأنه لم يستخدمه.